آخر تحديث: 30 / 4 / 2024م - 3:58 م

الإمام علي ينصح: احتفظوا بأسراركم لأنفسكم!

اليوم أو يوم غد - الثالث عشر من شهر رجب - يصادف ميلاد الإمام عليّ وهو الذي في آثاره يشبه كرةً مضيئة، أي زاوية من زواياها ال360 درجة قصدت وجدتها مشعةً نائرةً، وكم علينا أن نطلع على آثاره كلنا صغارًا وكبارا! لا أجد مجالًا من مجالات الكمال لم يبدع فيه الإمام علي ، وأدعو القارئَ الكريم والقارئةَ الكريمة أن يجهدوا أنفسهم في البحث ولا أظنهم يجدون علمًا لم يطرقه ويبدع فيه!

الأسوار تحمي البيوت أما الأسرار فتحمي ما في الصدور وعلى من يرى أو يسمع شيئًا من ثقوب الحيطان أو نفثات الصدور أن يحفظ الخصوصية، إذ في لحظة ضعف يرى أو يسمع ما ليس له أن يبوح به لغيره. أما أفضل خطة ونصيحة فهي: أنت، نعم أنت! احفظ سرّك وارفع سورك تحمي نفسك من اللصوص، ومن قصار نصائحه ما يلي:

من كتم سرّه كانت الخيرةُ في يده.

الظفر بالحزم، والحزم بإجالة الرأي، والرأي بتحصين الأسرار.

سرّك أسيرك فإن أفشيته صرتَ أسيره.

ابذل لصديقك كلّ المودة ولا تبذل له كلّ الطمأنينة.

ولقوله ”ابذل لصديقك كلّ المودة ولا تبذل له كلّ الطمأنينة“ صلة كبيرة بحياتنا - اليوم - لأننا نمشي وننثر أسرارنا لمن للتو عرفناه ثم نبكي أن أسرارنا انكشفت! والأدهى ما نكشفه - نحن - لعامة الناس عن عاداتنا وسلوكياتنا، ما ومن نحبّ ونكره على وسائل التواصل ثم نبكي إذا استغلها لصٌّ فسرقنا أو محتالٌ فاحتالَ علينا أو نصّابٌ فنصب علينا!

”سرك في بئر“! كان يخفي أسراره العظام التي لم يتحملها أهل زمانه في الآبار:

عن ميثم: أصحر بي مولاي أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب ليلةً من الليالي، حتى خرج من الكوفة وانتهى إلى مسجد جعفي، توجه إلى القبلة وصلى أربع ركعات، فلما سلم وسبّح بسط كفيه وقال: ”إلهي كيف أدعوكَ وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك...“ وأخفتَ دعاءَه، وسجدَ وعفر وقال: العفو العفو، مائة مرة، وقام وخرج واتبعته حتى خرج إلى الصحراء، وخطّ لي خطةً وقال: إياك أن تجاوز هذه الخطة، ومضى عني.

وكانت ليلةً مدلهمة، فقلت: يا نفسي أسلمت مولاك وله أعداء كثيرة، أيّ عذرٍ يكون لك عند الله وعند رسوله؟! والله لأقفنّ أثره، ولأعلمنّ خبره، وإن كنت قد خالفت أمره، وجعلت أتبع أثره، فوجدته مطلعًا في البئر إلى نصفه يخاطب البئرَ والبئرُ تخاطبه، فحس بي، والتفت وقال: من؟ قلت: ميثم.

فقال: يا ميثم، ألم آمرك أن لا تجاوز الخطة؟ قلت: يا مولاي، خشيتُ عليك من الأعداء، فلم يصبر لذلك قلبي.

فقال: أسمعتَ مما قلتُ شيئا؟ قلت: لا يا مولاي. فقال: يا ميثم:

وفي الصدرِ لباناتٌ ** إذا ضاق لها صدري

نكتُّ الأرضَ بالكفِّ ** وأبديتُ لها سرِّي

فمهما تنبت الأرضُ ** فذاك النبتُ من بذري

مستشار أعلى هندسة بترول